القائمة الرئيسية

الصفحات

الغراب المتهم الحلقة 6

 الغراب المتهم 

الحلقة 6

بقلم طارق اللبيب

لما انسدت الأمال علي بن ورقة والايام تمر .. والماء ينفد والزاد قد نفد بالفعل ..لم يستسلم .. ولم يترك الدعاء وفي صباح اليوم الخامس .. سمع حركة خارج الغار .. وضجيج ونقاش حاد .. فاقترب من الصخرة ونظر من فتحة كانت بين الصخرة وشفير الغار .. فرأى هيئة الرجال الذين اعتقلوه ولكن معهم شيخ كبير يلبس لباسا وقورا ..

ويكتسي وجههة بالوضاء والنور .. وهو غاضب .. يقول اسرعوا وازيحوا هذه الصخرة .. فوالله لو مات هذا الرجل لاقتلنكم واحدا واحدا .. 

فانفرجت الصخرة ورأهم يزحزحونها من مكانها كانها قطعة خشب خفيفة لم يبذلوا كثير جهد في ازاحتها .. فخرج بن ورقة وكان الوقت صباحا بعد الشروق بقليل .. 

فاخذ بفرسه وخرج .. فقال له هذا الشيخ الذي يظهر انه زعيم قبيله 

ماذا حدث؟ لماذا حبسك هولاء السفهاء هنا؟

قال له والله يا عماه لا ادري ذنبي .. 

قال له ماذا قلت؟ ياعماه؟ 

قال له نعم انت في مقام عمي .. ولابد لي ان اخاطبك بالاجلال والاحترام ..

قال له يابني .. والله هولاء ابنائي وابناء اخي .. لم يتكلم منهم احد في يوم مثل كلامك المحترم .. من علمك ومن رباك؟؟ .. هيا هيا .. تذهب معنا الى ديارنا .. فنكرمك ونقتص لك بحقك منهم .. 

قال له ياعماه ان امامي سفرا طويلا .. وايامي قد انقضت في هذا الحبس .. فاخشي ان يحسب الذين ارسلوني اني ميت ..

فقال له لا .. والله لن اتركك تذهب بحالتك هذه .. فانت متعب كمريض ولاتقوى على السفر .. هيا .. فاخدوه واركبوه على الفرس المنهك ايضا..

وذهبوا  به الى مكان ليس ببعيد .. 

ووقف الشيخ عل تلة ثم صاح .. بكلمة غريبة .. فتطايرت الرمال كان اعصارا هب عليها .. وفتحت ابواب عظيمة .. تؤدي ال ابار تحت الارض .. 

فدخوا فيها وادخلو معهم ابن ورقة.. وهو يكاد ان يطيش من الدهشة والخوف .. ولكنه كان مطمئنا لذلك العجوز ..

ولما تمكنوا داخل الارض.. راي مدينة كاملة مبنية تحت الارض وفيها مافيها من العجائب والغرائب .. 

فدخل في مكان في وسط المدينة وقصر منيف .. يكاد يأخد الابصار من بياضه .. 

ودخل ووضعوا له طعاما في هذا القصر .. وفتيات يخدمن ويوزعن الطعام .. ويخدمن الضيوف كانهن الدراري ..

والذي يظهر ان هذا الشيخ الكبير مالك هذا القصر .. ويتصرف كانه ملك .. 

فلما اكل ابن ورقة من الطعام الذي لاول مرة يراه.. ويتذوق طعمه الشهي .. قال له الشيخ انا ملك الجن في فزام .. وهولاء هم خدام الممكلة في هذه القبيلة .. نحن مسلمون لانعتدي على احد .. ولكن هولاء السفهاء حادو عن الطريق.. فاصبح همهم شرب الخمر ومعاقرة النساء والغناء في الاودية والصحاري .. والله يابني لم اكن اعلم بحبسك حتى اختلف هذان الاخوان .. فوشى احدهما بالاخر .. وهذه اول وشاية يكون فيها الخير .. ونجاة مسلم من الموت .. والله لقد غضبت من تصرفهم معك غضبا شديدا .. وهأنذا اعتذر اليك عمافعلوا .. 

قال له لاعليك ياعماه .. هذه اقدار الله علينا.. ونحن في دمة الله وبحكمه وقضائه .. 

قال له خذ راحتك هنا في قصري .. وان شئت فتنزه في ارجاء المملكة ..فلن يمسك احد من الجن فانت في عهدي .. حتى اتيك المساء .. فان لي مجلسا" في القضاء قد يطول .. واذا اتاك رسول مني يستدعيك فاتني معه..

اضطجع ابن ورقة عل فراش وثير .. لم ير مثله في حياته .. وهو ينظر الى سقف القصر ونقوشه العجيبة .. وينظر ال تلك الجوارى التي ملاهن الخالق رونقا وجمالا .. ونضافة وزينه .. شي لم تره عيناه من قبل .. 

ولكن كان مرهق وعيونه من النعاس كأن فيهن الحصى والرمال ..

فاغمض عينيه وسرقته عيناه فنام .. 

نام حتى صلاة الظهر فسمع أذان من اجمل الاصوات الذي سمعها في حياته .. فقام وتوضأ وصلى . فجأءه أحد الفرسان وقال له ان الملك يدعوك الى مجلس القضاء .. فجاء ابن ورقة وجلس امام الملك ..وكانت الحاشية في مجلس دائري وكان الوزاء يلبسون ملابس زاهية .. ويتمتعون بصور جميلة ..

قال له الملك هل قلت اسمك سعد بن ورقة ؟ 

قال له نعم .. قال له هل انت مقيم مع يوسف التيمي ؟ قال نعم ..

قال له من الذي ارسلك؟ قال ارسلني عمي يوسف الى قبيلة كذا من اجل كذا وكذا ..

قال له ابشر سنعاونك في ذلك .. 

ولكن الان نحن بصدد الظلم الذي تعرضت له.. فقد اقر ابنائي وابناء اخي انهم مذنبون بحقك .. وانا حكمت عليهم بالسجن خمسة اشهر والتجويع خمسة ايام كمافعلوا بك .. 

قال له يامولاي ان كان حكمك سبق فليس لدي ما اقوله .. وان كان يحق لي التدخل في الحكم فلتاذن لي جلالتك ..

قال له الملك الحكم حكمك ..والمظلوم انت ..فقل حكمك ..والله سوف اطبقه عليهم ولو حكمت عليهم بالقتل ..

قال يامولاي هم لم يحبسوني خمسة اشهر .. وانما خمسة ايام .. وفي الخمسة ايام لم اجع ولم اعطش ..فكان زادي ومائي معي .. 

فان الحكم الصائب والعادل ..ان يحبسوا خمسة ايام ولا يجوعوا ابدا .. هذا هو العدل ..

 وان اردت مني الفضل.. فاني اعفو عنهم اكرامك لك يامولاي .. 

قال له يابني انت صغير في السن .. 

ولكن عقلك يزن عقول الملوك 

فوالله لقد حكمت بالعدل .. وتفضلت بالفضل .. فمايزال لك علينا وعليهم فضل .. ولم ينزل عندنا ضيف اكرم منك ..

وناداهم جميعا وقال لهم اذهبو ال صعاليك العرب من قبيلة كذا وكذا 

وااوثقوهم بالحبال ..وقودو جمال بني سهيل واتو بها الينا في يوم وليلة وان تأخرتم فالويل لكم .. 

قال له ابن ورقة .. يامولاي .. انا صاحب الشان وانا الذي سأذهب واحارب بسيفي هذا واسترجع الابل الى اهلها .. فلا استطيع ان اقبل هذا .. كيف اجلس هنا كالنساء ..

ويذهب الرجال فيقومون بمهمتي ؟ 

قال له الملك .. الامر لك ولكني اطلب منك السماح لهم ان يرافقونك 

ولا يدخلون في حربك حت تحتاج اليهم .. 

قال له قلت فعدلت يامولاي .. 

قال له فاذا رجعت فلابد ان تأتيني .. فاكرم وفادتك .. قال له سمعا وطاعة ايها الملك العادل .. 

وناوله الملك كأسا كان امامه وقال اشرب هذا .. واجرع منه ثلاثا ..

فشرب منه ابن ورقة .. واحس بعد بشي يجري في جسده كالقشعريرة .. قال له الملك هذا سر من اسرارنا .. انك سترى الجن في كل مكان اردت ان تراه.. ولايستطيع الجن كائنا من كان.. ان يتخفى عنك .. فقد انكشف عنك الحجاب .. وازيل من عينيك الستار .. 

عند الصباح الباكر ودع الملك .. وقال له اكرمك الله كما اكرمتني يامولاي ..

 قال له اذهب وسيلحق بك الفرسان .. ذهب بن ورقة وركب فرسه الذي عادت له قوته .. وقد قضى  يوما واحدا 

مع الملك عبدالجليل .. ملك مملكة فزام ..في الربع الخالي .. 

سار الى قريب العصر .ولم ير احد من اولائك الفرسان يتبعه .. 

ولكنه لاحظ ان هنالك اربعة غربان تذهب معه اينما ذهب .. فلما نزل وصل الظهر والعصر نزلت الغربان واتخفت في ظهر جبل من الجبال .. 

واكمل يومين وليله وهو يسير من فج الى فج ومن سهل الى سهل ومن وادي الى وادي حتى بلغ هدفه ووصل .. صيعر وهي منطقة 

يتجمع بها البدو اللصوص .. الذين ينهبون ابل العرب .. 

ونزل وربط فرسة واخترط سيفه وجاء ..وجد جماعة منهم يجلسون 

في ظل صخرة .. فقال لهم ان جماعة منكم اغارو على بني سهيل فاخذوا منهم ثلاث من الابل واني جئت لاخذها ..

فظهر عليهم خوف عظيم .. وقال له احدهم نعم نعم .. اخذناها ونحن نعتذر لذلك تلك هي الابل فخذها واذهب ..

استغرب بن ورقة من خوف هولاء المجرمين .. وسرعة استسلامهم 

فلما نظر خلفه وجد اصحابه ابناء الملك عبدالجليل الاربعة وهم يحملون سيوفهم .. باجسام ضخمة وهيئات مخيفة ..

فعرف ان اللصوص خافو منهم .. فغضب منهم وقال . ليس في هذا مزية لي .. ولم استرجع الأبل بقوتي .. وانما بالخوف منكم ..

فقالوا له نحن مأمورون بمرافقتك ..

فاقتاد الابل ورجع .. ولما تقدم بمسيرة ساعات .. تحولو الى غربان وطاروا من امامه ..

الى اللقاء


الغراب المتهم الحلقة 1

الغراب المتهم الحلقة 2

الغراب المتهم الحلقة 3

الغراب المتهم الحلقة 4

الغراب المتهم الحلقة 5 

الغراب المتهم الحلقة 6

الغراب المتهم الحلقة 7

الغراب المتهم الحلقة 8

الغراب المتهم الحلقة 9

الغراب المتهم الحلقة 10

الغراب المتهم الحلقة 11 والأخيرة