القائمة الرئيسية

الصفحات

اصل اللغات وكيفية ظهورها



كيف ظهرت اللغات في العالم 


قُدّمت الكثير من التفسيرات والتكهنات حول كيفية اكتساب البشر للغة، وتمَّ طرح الكثير من النظريات إلَّا أنها كانت كلها قصصاً وروايات أخذت مكاناً هاماً في التاريخ، ولكن خلال العقود القليلة الماضية أصبح البحثُ عنها أكثر تطوراً وحداثةً، وأصبحت الأبحاث المختصة بمعرفة نشأة اللغة تستندُ على بحوثٍ وتحليلاتٍ علمية، وارتبطت نشأة اللغات ارتباطاً وثيقاً مع حركة الجسم الإيمائية ومن منظورِ العلم تعتبر لغة الإشارة هي أول لغات العالم، ولا يزال العلماء والباحثون يميلون إلى رأيين مختلفين في مسألة نشأة اللغة فمنهم من يقول بأنَّ اللغة خُلقت مع الإنسان، ومنهم من يقول بأنها تطوّرت ببطءٍ خلال مراحل النمو المختلفة للبشر،

[١] ووفقاً للغويين الأشهر في العالم دويتشر وماكوورتير يبقى أصل ظهور اللغة غامضاً منذ آلاف السنين وحتى وقتنا الحاليّ.


[٢] اللغة والعلم تعتبر اللغة واحدةً من بين أبرز القدرات التي يمتازُ بها البشر، وهي عبارةٌ عن نظام معقد تدخلُ في استخدامه الكثير من الوظائف الحركية والذاكرة، وعلى الرغم من أنَّ اللغة لم تُفهم بشكلٍ كاملٍ بعد إلَّا أنَّ العلماء تعلموا الكثير من الأشياء عن هذه القدرة العقلية المذهلة من خلال الدراسات التي أُجريت على الصور الدماغية للمرضى الذين فقدوا القدرة اللغوية جرّاء الإصابة بالجلطات، والاضطرابات اللغوية، مقارنةً بالصور الدماغية للأشخاص العاديين الأصحاء.


علمياً يُحدِثُ الضرر الناتج في مناطقَ مختلفةٍ من الفص الأيسرِ في الدماغ إلى أنواعٍ مختلفةٍ من الاضطرابات اللغوية تصاحبها الكثير من الأعراض مثل التكلّم ببطء وبجهد، وقد ظنَّ العلماء بأنَّ القدرة الكلامية يتحكم فيها الفص الأيسر من الدماغِ بشكلٍ كاملٍ إلَّا أنَّ تمييز الأصوات والكلمات يشملُ على عمل نصفيّ الدماغ الأيمن والأيسرِ معاً، ولكن تبيّن بأنَّ الكلام وفهم اللغة قدرةٌ يسيطر عليها الفص الأيسر بشكلٍ كامل.


[٣] التغييرات المصاحبة للغة التغييرات التي طالت اللغة لا تزال تؤثر عليها خلال إنتقالها من جيلٍ إلى جيل، وتختلف اللغات جميعها في النطق، والكتابة، والمعنى، وكيفية بناء الجمل، وعلى الرغم من أنَّ التغيّرات الحاصلة على لغةٍ معينةٍ تكون بشكلٍ تدريجيٍ وتراكميّ؛ إلَّا أنَّه في عصرنا الحاليّ تمّت إضافة الكثير من المفردات الجديدة إلى اللغة في مجاليّ العلم والتكنولوجيا



ربما تبقى أصول اللغة البشرية عمومًا غامضة إلى الأبد، لكن اللغات التي استخدموها، على النقيض من ذلك، كانت موضوع دراسات دقيقة على مدى القرنين الماضيين.

هناك على الأرجح أكثر من خمسة آلاف لغة منطوقة في العالم اليوم، ثلثها في إفريقيا، لكن العلماء يجمعونها ضمن أُسَرٍ لغوية قليلة نسبيًّا، ربما أقل من 20 أسرة. ترتبط اللغات بعضها ببعض عبر الكلمات أو الأصوات أو البُنَى النحوية المشتركة، وبحسب النظرية السائدة، فإن كل أعضاء مجموعة لغوية واحدة انحدروا من لغة واحدة أقدم، أي من سلف واحد مشترك.

تطور اللغة 


هو التغير التدريجي فيها بمرور الوقت، ويتضمن أصل اللغات والأُسر اللغوية وتشعباتها، ويمكن اعتباره مشابهًا للتطور البيولوجي، مع عدم حدوثه بنفس الآليات طبعًا.

تنقسم اللغة الأم في البداية إلى لهجات متعددة بحسب الموقع الجغرافي، ثم تبدأ هذه اللهجات في التمايز تدريجيًّا حتى تتحول إلى لغات جديدة، وتتفرع عنها لهجات، وهكذا دواليك.

فما الذي تخبرنا به الأبحاث الحديثة عن اللغة العربية؟ وممَّ تطورت؟




عديد من اللغات كان ينتمي إلى هذه العائلة لكنها اختفت بمرور الوقت، منها اللغة الأكادية التي كانت تستخدم في بلاد ما بين النهرين القديمة، واللغة الفينيقية التي نطقوها في ما يُعرف اليوم بلبنان، واللغة الإبلاوية التي استُعملت في سوريا القديمة.


تنتمي اللغة العربية: تصنيفيًّا إلى عائلة اللغات السامية، ومن اللغات المنطوقة في عصرنا الحالي من هذه العائلة: العبرية والآرامية (تتحدث بها مجتمعات صغيرة نسبيًّا، معظمها في العراق وسوريا) والأمهرية (اللغة الرسمية في إثيوبيا) والتجرية (إريتريا).


يفترض العلماء أن اللغة السامية الأم تشعبت في تطورها إلى سامية شرقية وسامية غربية.



يرجع أصل جميع اللغات السامية إلى «اللغة السامية الأم»، وهي اللغة التي افترضها العلماء في الأصل من كل هذه اللغات المذكورة، ويمكن اشتقاق سِماتها من السمات الثابتة تاريخيًّا لمختلف اللغات السامية.


يرجح العلماء أن اللغة السامية الأم كانت لغة موحدة لكن لها عدة لهجات، ولا يمكن اعتبار لغة سامية بعينها الأقرب إلى السامية الأم، فقد تكون إحدى اللغات أقرب إليها في الصوت (الفونولوجيا)، وقد تكون لغة أخرى أقرب إليها في خصائص التصريف والاشتقاق (المورفولوجيا).


يفترض العلماء أن اللغة السامية الأم تشعبت في تطورها إلى سامية شرقية وغربية، وخرج من رحم السامية الشرقية عدة لغات منقرضة الآن، مثل الأكادية والبابلية والأشورية، في حين تطورت الغربية إلى فرعين كبيرين ما زالا على قيد الحياة، هما السامية الوسطى والجنوبية.



تكمُن المشكلة بالنسبة إلى اللغة العربية في تحديد موقعها من مجموعتي السامية الوسطى والجنوبية، ففي حين تُظهر تركيبة الفعل العربي شَبَهًا باللغات السامية الوسطى مثل العبرية، فإن عديدًا من خصائص نظام الأصوات وعمليات تكوين الكلمات في اللغة العربية تبدو أقرب إلى المجموعات الإثيوبية والعربية الجنوبية الحديثة. وتدَّعي كلٌّ من المجموعتين اللغويتين أن اللغة العربية تنتمي إليها.